:
[ 1 ]
الْكتابةُ : رحلةٌ - كلّ كتابةٍ رحلةٌ لا وصول - ...
من أوّل الشعر حتّى آخر السحر ، وَ لا رحلة بدون [ عنوان ]
إذ العناوين مقاصد الرحلة و أوّل الخُطى إليها .
كثيراً ما يؤسفني سوء العنوان مع جمال الرحلة / الكتابة وهذا السوء لا يُسأل عنهإلاّ الكاتب ..
مع استغرابي من إتقانه الرحلة و فشله بعنوانها .العنوان : أوّل المصافحين للقارئ ..
هو بمثابة اليد ، فلا تقبض يدك أثناء المصافحةبل ابسطها كلّ البَسْطِ .
[ 2 ]
يقول الحطيئة :
إذَا الشّعْرُ لَمْ يَهْزُزْكَ عِنْدَ سَمَاعِهِ
ــــــ فَلَيْسَ حَرِيّ أنْ يُقَالَ لَهُ شِعْرُ
ويقول نايف صقر :
يقولون الشعر وصل القلم والصفحة الطرقى
ـــــ و انا اقول الشعر قدح الخيال ونار صوّانه
يمكننا أنْ نخلق معادلة الشعر من هذين البيتين :
إذا الشعر لم يهززك عند سماعه : فهو " وصل القلم والصفحه الطرقى
" وعندما يكون الشعر " وصل القلم والصفحة الطرقى " : فليس حريّاً أنْ يُقال له شعر .
ويبقى طرف المعادلة العادلة :
إذا هزّك الشعر لحظة سماعه : فهو " قدح الخيال ونار صوّانه "
لأنّه عندما يكون " قدح الخيال ونار صوّانه " : سيهزّ أركانك بالتأكيد .
[ 3 ]
للشعر تركيبته المعقدة .. ليس واضحاً ليُقال .. و لحظة كتابته كغفوة ٍ
لا تستطيع أن تُمسك بها ... له تراكيبه وصوره ولغته الخاصة ..
التي لا ينافسه أحدٌ عليها .هكذا يُكتب الشعر ...
وليس بالأمر الشيّق معرفة الكيفية التي يُكتب بها أو الحالة التي تنجزه .
ما هو أهم من ذلك :
كيف يُقرأ الشعر . ؟
وللإجابة على ذلك لابدّ أن يكون هناك شعرٌ لتتم قراءته ..
وأقصد بالشعر هنا ما يمكن أن يَزرع القراءة ويُنب الأسئلة .
هو كذلك : الشعر أسئلة تتناثر على قارعة اللغة ، إنْ أمسكت بأولها لن تكتفي إلا بآخرها .
بقول ٍ آخر :الشعر سفرٌ وعليك أنت الرحلة ... هو الغربة وأنت الحقائب .
و شعرٌ لا يُشعرك بأنّ شيئاً ما حدث في حياتك ، ليس شعراً .
يقول أدونيس عن الشعر : ( شعرٌ لا يُشعر الإنسان حين يقرؤه أنّه يتقدم نحو يقين ٍ ما ، بل نحو مزيد ٍ من التساؤل ، من الغوص في الكشف عن الأسئلة الكامنة وراء الأسئلة . هل الشعر استعادة دائمة لأسئلةٍ ليس لها أجوبة نهائية .. ؟! )
هكذا قال عنه أدونيس ونقوله نحن بأنّ الشعر إن لم يُجبرك على الغوص بأعماقه لن يكون شعراً .
[ 4 ]
هل يجب على الشاعر أن يعبّر عن رغبة القاريء ؟
إن فعلها لم يكن شاعراً ... إن وضع حالةً لشعره / قارئه ،
ليس شاعراً لأنّ الشعر ليس وصول بل سفر ... ليس دواء بل داء
يحكي عن ذلك أدونيس قائلاً :
( " شعر جماهيري " شعرٌ مصنوع للجماهيرشعر " وصفة " الشاعر الذي يقدم للقاريء وصفة يقدّم كل شيء إلا الشعر )
وهذا مأزق الكثير من الشعراء إذ يجد من هذه الوصفة مهرباً له من تساؤل الكثير حول :
لماذا شعرك أكثر وضوحاً .... ؟
و جوابه .... ليكون أقرب إلى الإحساس !!
ألا يعلم بأنّه لم يترك للقاريء فرصة القراءة و الركض في مضمار حرفه !
مازلت أسمّي ذلك الشاعر بـ [ الأنانيّ ] ،
لأنه لم يخلق الأسئلة ،
بل لم يجعل لك فرصة تأويل ما يُؤوّل .
قال لك : " أنا أشعر بكذا وكذا ... ودوائي هو كذا "و لم يجعل لك فرصة البحث عن دائه لتجد دواءه .
[ 5 ]
في عالم المنتديات ثمّة ما يبعثُ على الكتابة من مُحفّزاتٍ .. نتيجة المُباشرة في التعامل ..
و تلك المُحفّزات سلاحٌ ذو حدّين .. مع يقيني بضرر الحدين لأيّ سلاح ..
إلاّ أنّ لتلك المُحفّزات منافع تقتصرها اللياقة الكتابيّة ولا تعمّمها الحماقة الكتابيّة
و أعني بالحماقة :
جعلُ تلك المباشرة غاية الكتابة - من ردود و ورود -
و من يضع تلك الورود
وسيلتها و نيّتها الأولى ولأنّ لكلّ كاتبٍ ما نوى فإنّ الغاية تلك أدنى من أنْ تُنعتبالحماقة - أيضاً - .
[ 6 ]
أعود للكتابة النتيّة المُباشرة آخذاً أحد حدّيها المُسلّح .. لأقول :
كلّ احتكاك كتابيّ مباشر الانطباع و الفعل ، لا يجب التعامل معه بـ [ القَصْد ]
إذ الجهلُ بالمأربِ : رحمةٌ و رحابة ..أي :لا تجعل ما تقرأه نصلاً و صَدْرك الوِجْهة ..
ولا تعتقدك المطعون بكلّ حرفٍ كُتب !بل حاول القراءة بعيداً عنك ..
لأنّ ذلك سيُفضي إلى كتابتك بعيداً عن كلّ شيء وقريباً منك - فقط - .
[ 7 ]
أُلامُ كثيراً على إسهابي في كتابة الردود بمشاركات الأعضاء وقد وصل الأمر
إلى طلب أحدهم عدم ردّي على مشاركاته لعجزه عن ردّ الردّ بمثله وهذا كرمٌ
لا بُخل ..إذ ردّ الكرم بكرمٍ مثله هو احتفائي بالردّ على تكرّم العضو بقراءتي له ..
وليسفي الردّ من محاولةٍ يظنّها البعض و يُفسرها بالخُبث .. !
وكثيراً ما أُطالبُ - تكرّماً - بتوجيه النقد في ردودي بدلاً من الإسهاب في المدح
وأُجيب بأنّني على يقينٍ تام بنقص كلّ كتابةٍ ماعدا القرآن عن بلوغ الكمال تماماً
كيقيني بضرورة احتفائي وإسهابي بالمدح للجزء الصائب
فيما كُتب لأنّ الجزءالناقص فيها لابدّ من وجوده و تجاوز كاتبه له في الآتي من كَتْبِه .
[ 8 ]
الإبداع : تجاوز المُعتاد و التميّز عن السائد - تماماً - كما فعل السائد بما قبله ،
وبقاء السائد فترةً زمنيّة ما .. لها سببٌ مهمّ جدّاً .. وهو احترامه من قِبل مُعاصريه
و مُتعاطيه ... ذاك الاحترام الفارض عدم تجاوزه و الخروج عليه [ منه و إليه ]
و ما فنون الكتابة إلاّ خيرُ مثالٍ على ذلك و ما الشعر - أيضاً - إلاّ خيّرها ..
فلو تمّ احترام الشعر كما خُلقَ ما تعدّدتْ أشكاله و ألوانه و ولما تجدّدت أحواله
و أوزانه ولبقيَ تمثالاً خالياً من روح عصره و مُعاصريه .
أولئك الخارجون على السائد في الكتابة ما خرجوا إلاّ بعد اقتناعهم بقناعةٍ أدّتبهم إلى الإبداع ..
وتلك القناعة مُختصَرةٌ بـ [ عدم احترام الكتابة ] !!
وعدم احترام الكتابة هو قمّة احترامها .. لأنّ عدم الاحترام هذا ليس لكُنهها بل
لكونها .. وكونها محكومٌ بظروف زمانها و أُناسه .. أمّا كُنهُها فمُمتدٌ حتّى انتهائها .
لذلك لا يمكن احترام مالا وجود له ، بل ليس من العقل احترامه .
[ 9 ]
شاهدتُ لقاءً للشاعر : فاضل الغشم على إحدى القنوات وكانت استضافته كناقد
لا شاعر من خلال ما طُرح عليه من أسئلة .. حقيقة كانت الأسئلة مُضحكة إلى الحدّ
الذي جاءت معها الإجابات أشدّ إضحاكاً ولن أُعرّج على تقسيمه مدارس النقد و تفرّده بإحداهنّ ..
بل سأتحدّث مُستغرباًو أستغربُ مُتحدّثاً من إجابته على سؤالٍ يطلب فيه المقدم رأيه بالدكتور الناقد [ عبدالله الغذامي ]
- الذي تحوّل اسمه على لسان فاضل الغشم إلى القذامي -
الذي عاب على الدكتور استيراده المدارس النقديّة الغربيّة
و تطبيقها على الشعر العربيّ بل استنكر صِحّة ونجاح ماقام به الدكتور !!
وبالعودة إلى النقطة السابقة [ 8 ] ، يكون الدكتور مُبدعاً و لن يكون الغُشم إلاّ غشيماً .
[ 10 ]
أعودُ عالياً حيثُ الحديثُ عن [ العناوين ] ...
مُتحدّثاً عن طُرق كتابتها فقط :
وأقول بأنّ طريقة كتابة العنوان ليستْ حكراً على كاتبٍ دون آخر وعنّي غالباً
ما أُعنّوِنُ مواضيعي بطريقةِ القوسَين المُربّعين [] واضعاً بداخلهما العنوان مُشكلاً
بالحركات .. وكم ابتهجتُ و سعدتُ باستخدام هذه الطريقة عند بعض الأعضاء
وكنتُ أحلمُ باتّخاذ الجميع لها .. ليتميّز أعضاء أبعاد و أبعاد بهذه الطريقة في
كتابة العناوين .. ناهيكَ عن جمالها و رونقها الخارجيّ .
ما رأيكم أنْ نتّحد في ذلك :)